– التّدرّج سنّة كونيّة، تشمل كلّ موضوعات حياة الإنسان المادّيّة والمعنويّة، لاسيّما ما يتعلّق بالتّدرّج في الخطاب؛ ذلك لأن مقتضى المقام ومراعاة أحوال المخاطَب النفسيّة والفكرية والعقليّة كلّ ذلك يفرض على الخطاب المؤثّر أن يلتزم منهجاً في التّبليغ، يتّسم بهذه السّمة الّتي تأخذ شرعيّتها من القرآن الكريم، لذلك نجد من أساليب القرآن الكريم في مخاطبة البشر نزوله مفرّقًا منجّمًا بحسب الأحداث والوقائع، ليتحقّق فيه مبدأ السّهولة في الأخذ، واليسارة في الامتثال، وحتّى تتأسّس الأمّة على قواعد متينة من الإيمان، والأخلاق، والتّعامل الحسن، وتنطلق للعمل الصّالح من خلالها بعد ما رسّخت في العقل، والقلب، ويندرج تحت هذه الحكمة أمور.
1 – يتيسّر حفظ القرآن على الأمّة العربية، نظراً لأنها أمة أميّة، ولم تتوفّر أدوات الكتابة لدى كاتبيها بعد، وهم نادرون، فلو نزل القرآن دفعة واحدة لعجزوا عن حفظه.
فاقتضت الحكمة العليا أن ينزل منجّماً.
2 – يسهّل فهمه على العرب.
3 – يمهّد التنجيم لتخليتهم عن عقائدهم الباطلة، وعبادتهم الفاسدة، وعاداتهم المرذولة، ولن يتمّ هذا إلّا بسبيل التدّرج وتلك سياسة رشيدة.
4 – يمهّد لتحليهم بالعقائد الفطرية، والعبادات الصحيحة، والأخلاق الكريمة.
5 – تثبيت قلوب المؤمنين، وتسليحهم بعزيمة الصبر واليقين.
وصدق الله العظيم إذ يقول:(وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا) . الإسراء/ 106/.
وسنتابع في اللقاء القادم الحكم من تنجيم القرآن الكريم، والحمد لله ربّ العالمين.