– إنّ أجلّ طرق التَّفسير وأحسنها: تفسير القرآن بالقرآن ، ثم تفسير القرآن بالسنة، ثم تفسير القرآن بأقوال الصحابة، ثمّ تفسير القرآن بأقوال التابعين ومن تبعهم من الأئمة الربانيين، ثم تفسير القرآن بلغة العرب، ثم تفسير القرآن بالاجتهاد المشروع.
وهذه الطرق ليست متمايزة ولا متخالفة، بل بينها تداخل واشتراك، ويعين بعضها على بعض، والمقصود من هذا التقسيم توضيح الطريقة للمتعلّم، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد فسّر القرآن بالقرآن، وفسّر القرآن بلغة العرب، وكذلك تفاسير الصحابة والتابعين منها استعمال لتفسير القرآن بالقرآن، ومنها استعمال لتفسير القرآن بالسنة، ومنها استعمال لتفسير القرآن بلغة العرب، ومنها تفسير بالرأي والاجتهاد، ولكلّ ذلك أمثلة يأتي ذكرها بإذن الله تعالى.
وقد يجتمع في المسألة الواحدة من مسائل التفسير طرق متعددة من طرق التفسير.
وهذه الطرق منها ما يُكتفى فيه بالنص لظهور دلالته على المراد، ومنها ما يُحتاج معه إلى اجتهاد، فيقع الاجتهاد في تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنة، وتفسير القرآن بلغة العرب، وكذلك قد يفهم من بعض أقوال الصحابة والتابعين أموراً يستدل بها على نظائرها في التفسير؛ فيدخلها الاجتهاد.
والاجتهاد في التفسير يتنوّع إلى أنواع، ويستند فيه المفسّر إلى الطرق المتقدّمة باستعمال أدوات الاجتهاد التي تعينه على استخراج المسائل، ومعرفة الصواب فيها، وطريقة الاستدلال له، وعلى اكتشاف الخطأ وبيان علّته، وعلى الجمع والترجيح، وإيضاح المشكل، وغير ذلك من منافع الاجتهاد في التفسير.
ومن العلماء من يسميّه التفسير بالرأي، ويقسمون الرأي إلى محمود ومذموم، ويجعلون للتفسير بالرأي المحمود شروطاً يُعدّ مخالفها ذا رأي مذموم في التفسير.
ومن أشهر تلك الشروط: صحة التفسير في نفسه، وصحّة الدلالة عليه، وعدم مخالفته لدليل نصّي أو إجماع.
والإلمام بهذه الطرق ومعرفة مسائلها وتفاصيلها وقواعدها وأحكامها من أهمّ الأصول التي ينبغي لطالب علم التفسير أن يجتهد في تحصيلها، ثم يتمرّن على تطبيق قواعدها فيما يدرس من مسائل التفسير.
وبعد هذا الإيجاز ندرس المسائل المتعلقة بطرق التفسير بشيء من التفصيل في اللّقاء المقبل، والله الموفق والمعين، لا حول ولا قوّة إلا به.