– سمعت من مولانا الوالد رحمه الله تعالى؛ أنّه لمّا دعي إلى مؤتمر القدس في الخمسينات بصحبة لفيف من مفكّري العالم الإسلاميّ، وقد كان من بينهم العلّامة علي الطّنطاوي، – صديقه وحبيبه – فلمّا انتهت جلسة من جلسات المؤتمر، خرجوا من مبنى المؤتمر في القدس، وقد بدت لهم مدينة الخضيرا بخضارها، وأزهارها، وأفيائها، وبيّاراتها، فقال العلّامة الطّنطاوي للوالد: أين شعرك يا شيخ صالح؟ هذه الأزهار أمامك في الخضيرا، وهذه المياه تتدفّق، وهذه البلابل تغرّد، فأين شعرك؟ أنت فقط تقول لنا الشّعر في دمشق، وفي الشّام! فقال له الوالد: اكتب يا شيخ عليّ:
تمهّل إن قدمت على الخضيرا فمعنى الخلد للفردووس لاحا
فماءٌ سائغٌ عذبٌ فراتٌ وطيرٌ هزّه الشّوق فصاحا
شذى الأترجّ واللّيمون يزكو وما كتم به الرّبيع فباحا
ولو ترنو إلى الأزهار فيها وتنظر عينك الورد الأقاحا
لقلت الخلد قد زفّت وجاءت على وعد وقد حضرت صباحا
فقال الطّنطاوي للوالد رحمهما الله تعالى: أظنّ أنّ المتنبّي عاجز عن مثل هذا الكلام والارتجال، وكنت أتحدّاك لأسمع منك، وقد سمعت ما طربت به نفسي.
قلت: وهذا النصّ الشّعري لم ينشر فيما أعلم، وكذلك هذا الخبر.
بقلم ولده شهاب الدِّين أحمد الفرفور