لُغَتِي
بِقَلَمِ الشَّيخِ الأستاذِ الدُّكتور: محمَّد حسن هيتو
1 – قالت: جُدِبتُ ولم تُنْجدْنيَ الدِّيَمُ
هل غابَ نَجمي أمْ وافانيَ الهَرَمُ
2 – إنِّي الوَلودُ وقد أنجَبتُ في قَدَري
ما لا يُحيط به سِفرٌ ولا قَلَمُ
3 – أَنجاليَ الغُـرُّ، مَن في الكون يَجهلُهم؟!
بيضُ الوجوهِ وفي آنافِهم شَمَمُ
4 – هم الشُّموخُ وأسُّ المَجدِ باذخُهُ (1)
همُ الشُّموسُ إذا ما الْتَاثَتِ الظُّلَمُ
5 – هُم في السَّماءِ نجومُ الكونِ، زيــنَتُهُ
وفي النُّجُودِ هُم الأعلامُ والقِمَمُ
6 – غَوْرِي بعيدٌ إذا ما رُمتَ زاخرَهُ
بحرُ المعارفِ بالأمواجِ يلتَطِمُ
7 – فما يُحيط بعلْمي في الدُّنا بَشَرٌ
إلَّا النَّبيُّ ومن بالوحيِ يَعتصمُ
8 – أَنْطَقتُ من مُهْجَتي حُبَّاً وعاطفةً
ومن جَنَانيَ شاعَ العِلمُ والحِكَمُ
9 – نَثَرتُ عِطري في الآفاقِ يَغمُرُها
فَفَاضَ في الشِّعر فوَّاحاً به النَّغمُ
10 – لولا بياني من سِحرٍ ومُعجزةٍ
ما أَسمَعَ المتنبِّي مَن به صَمَمُ
11 – ولا سَمَت بأبي التَّمَّامِ مَنزلَةٌ
ولا تَغَنَّى به عُربٌ ولا عَجَمُ
12 – وبي تَوَجَّهَ للإيوانِ ذو كَلَفٍ
لم تَسعَ بالبُحتُريِّ عَنسٌ ولا قَدَمُ (2)
13 – وبِي أَطَلَّ جَريرٌ في قَصائدهِ
على نُمَيرٍ (3)، أنا بازِيُّهُ الوَخِمُ (4)
14 – وبي تفاخَرَ بالآباءِ يَمدَحُها
شِعرُ الفرزدقِ واستَعلى به الكَلِمُ (5)
15- وبي ترقَّى إلى الآفاقِ في أَلَقٍ
نَجْمُ الأُخَيْطِلِ لا التَّثليثُ والصَّنَمُ (6)
16 – لولا بياني ما كانت لعنترةٍ
تلك القصائدُ يَستشري بها الضَّرَمُ (7)
17 – ولا تألَّقَ من نُعمٍ ومِيضُ سَنَا
خَلفَ السُّتورِ إلى الذُّبيانِ يبتسمُ (8)
18 – ماذا أُعدِّدُ والتِّيجانُ لامعَةٌ
فوقَ الرَؤوس وسِحري فوقها العَلَمُ
19 – جادَ الملوكُ ببيتِ المالِ في مِدَحٍ
صِيغَت بحَرفِيَ لكن فاتَني الكَرَمُ
20 – قد كُنتُ أَولَى بما أُعطُوهُ في مَلَقٍ
أنا المُحِقُّ وغيري الآخِذُ النَّهِمُ
21 – صِيغَت بحَرفِيَ أفنانُ العلومِ فَما
ضَيَّعتُ عِلمَاً وما وافانِيَ السَّأَمُ
22 – واليومَ يُنكِرُ أبنائِي مَدى بَصَري
يا بُؤسَ مَن مَجدُهُ يُطوى وينهَدِمُ
23 – يا بُؤسَ مَن أَعمَتِ الأَهواءُ ناظِرَهُ
حتَّى استوت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ
24 – سَهمُ العُقوقِ إذا ما رِيشَ في حَمَقٍ
أفضى بجَرحٍ إلى ما لَيسَ يَلتَئِمُ
25 – لَبَّيكِ فاتنةَ الأَحلامِ ما غَفَلَتْ
عَنكِ العُقولُ وما جافَتكيَ الدِّيَمُ
26 – فالغَيثُ سَيلٌ على مَرقاكِ مُنهَمِرٌ
أَكْرِمْ بمَجْدِك تَستَسقي بِه الأُمَمُ
27 – فاللهُ أقسَمَ أن يرعاكِ ما هَدَلَت
بالأَيكِ وُرقٌ وما كانت لنا ذِمَمُ
28 – فقد حكَيتِ كلامَ اللهِ في أَزَلٍ
وكُنتِ معجزةً بالحقِّ تَتَّسِمُ
29 – كنتِ العَروسَ وما زالت مفاتِنُها
تحكي صِبَاها فلا شَيبٌ ولا هَرَمُ
30 – ما زال عِطرُكِ فَوَّاحاً يَهيمُ بِهِ
عِطرُ العَروسِ إذا ما هَزَّهُ النَّسَمُ
31 – يا مُنيَةَ الشِّعرِ حَسْبُ الشِّعرِ مَنزِلَةً
أَنْ شادَ منكِ بياناً ليْسَ يَنهَدِمُ
32 – لَلشِّعرُ أنتِ وأنتِ النَّثرُ أَبلَغُهُ
والمَجدُ أنتِ وأنتِ الغَيثُ يَنسَجِمُ.
========================================
(1) الباذخ: هو الشّامخ المرتفع.
(2) العَنس: هي الإبل، والمقصود: هو قصيدة البحتريّ السّينيّة في وصف إيوان كسرى، مشيراً إلى بيت:
حضرت رحلي الهموم فوجهـ ـت إلى أبيض المدائن عَنسي
(3) قصيدة جرير في هجاء نُميرٍ مشيراً إلى البيت:
أنا البازي المُدِلُّ على نُمَيرٍ أُتِحْتُ من السّماءِ لها انصبابا
(4) الضَّخم.
(5) مشيراً إلى بيت الفرزدق، فخراً بآبائه بني تميم على جرير حين قال:
أُولئِكَ آبائي فَجِئنِي بمِثلِهِم إذا جَمَعَتنَا يا جَريرُ المَجامِعُ
(6) برز نجم الأخطل عند بني أمية لمدحه إياهم، وهو المسيحي المعتقد بالتَّثليث.
(7) شعره في الحماسة.
(8) نُعْمَ: هي الَّتي يتغنى بها النَّابغة الذُّبيانيّ في شعره، وأبياته الَّتي يشير إليها هي:
ألَمحة من سنا برقٍ رأى بصَري أَم وجهُ نُعم بدا لي، أم سَنا نارِ؟
بل وجهُ نعمٍ بدا واللَّيلُ معتكرٌ فلاحَ من بين أثوابٍ وأستارِ
29/09/2021 ألمانيا
سجِّلت في موكب الدَّعوة.
التَّعليقُ في الهامشِ لمها البحر، من تلميذات الشَّيخ حفظه الله تعالى