(بسم الله الرّحمن الرّحيم)
– الرَّحمن الرَّحيم: اسمان من أسماء الله تعالى، أمّا الرّحمن فهو لجميع الخلق، والرّحيم للمؤمنين خاصّة، قال محمد بن يزيد: هو تفضّل بعد تفضّل، وإنعام بعد إنعام، ووعد لا يخيب آمله.
وأصل الرّحمة رقّة في القلب، والله تعالى لا يوصف بذلك، إلّا أنَّ معنى الرِّقة يؤوّل إلى الرّضا؛ لأنّ من رحِمْته فقد رضيت عنه.
ومن لطائفها ما قاله الخليل: (بسم الله): افتتاح إيمان ويمن، وحمد عاقبة، ورحمة وبركة وثناء وتقرّب إلى الله عزّ وجلّ، ورغبة فيما عنده، واستعانة ومحبّة له، علم الله عزّ وجلَّ نبيّنا محمّداً صلّى الله عليه وسلَم فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق: 1] ، وقال: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الحاقة: 52] وقال نوح – عليه السلام -: (بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) [هود: 41] ليجعلها سنَّة لأمّته في افتتاح الذّبائح والطّعام والشّراب والكلام، وأن يذكرونه عند كل حركة وسكون، وإذا قاله العبد، يسَّر الله تعالى ما بين يديه من السّماء إلى الأرض، وثبّته وحرسه من وسواس الشيطان، ومن اعتراض المعترضين، وفساد المفسدين، وكيد الحاسدين، وهي تحيّة من الله عزّ وجلّ، خصّ بها نبيّه، وجعله باللّسان العربي ما لم يكن لسائر الأمم، إلا ما كان من سليمان، فلما وردت على العرب اضطروا إلى قبولها وتدوينها والإقرار بفضلها، ولفظوا بها عند وجوب الشّكر وطلب الصّبر.
قال غير الخليل: هو أدب من آداب الدين، ومدح لله تعالى وتعظيم وشعار للمسلمين، وتبرك للمستأنف، وإقرار بالعبودية، واعتراف بالنعمة، واستعانة بالله – عز وجل – وعبادة له، مع ما فيه من حسن العبارة، ووضوح الدلالة، والإفصاح والبيان لما يستحقه الله من الأوصاف.
وفيه من البلاغة والاختصار، في موضعه بالحذف على شرائطه. إذ موضوع هذه الكلمة على كثرة التكرير، وطول الترديد، وفيه الاستغناء بالحال الدالة على العبارة عن ذكر أبداً، لأن الحال بمنزلة الناطقة بذلك، وفيه من البلاغة تقديم الوصف بالرحمن تشبيهاً بالأسماء الأعلام.