الخطابة: هي قطعة من النّثر الرّفيع، قد تطول وقد تقصر، حسب الحاجة إليها، وهي من أقدم فنون النّثر؛ لأنّها تعتمد على المشافهة، وهي فنّ مخاطبة الجمهور بأسلوب يعتمد الاستمالةَ والإقناع.
أما الاستمالة فتكون بإثارة عواطف السامعين، وجذب انتباههم، وتحريك مشاعرهم، وذلك يقتضي من الخطيب تنوّع الأسلوب، وجودة الإلقاء، وتحسين الصّوت، ونطق الإشارة.
وأمّا الإقناع فيقوم على مخاطبة العقل، وذلك يقتضي من الخطيب ضرب الأمثلة، وتقديم الأدلّة والبراهين التي تقنع السّامعين.
وقد ازدهرت الخطابة في العصر الجاهلي، وذلك بسبب حرّية القول، وكثرة دواعي الخطابة كالحرب والصّلح وغيرهما، وامتلاك الخطباء أعنّة الفصاحة، فجلّ العرب كانوا فصحاء .
وعندما جاء الإسلام أصبحت الخطابة أكثر الفنون اللّسانيّة تأثّراً بالتّغيير الذي أحدثه الإسلام في العالمين، وذلك نظراً لعناية الإسلام واهتمامه البالغ بها، إذ اقتضت طبيعة دعوته، ونشر كلمته اتخاذها وسيلة لتوصيل معارف الإسلام وعقائده وتصوّراته إلى قلوب النّاس وعقولهم، كان ذلك في اللحظة الأولى التي صدع فيها رسول الله ﷺ بدعوته، وذلك حين وقف خطيباً في قومه يعلن أمامهم أنّه رسول الله صلوات ربّي عليه، وأنّ الله سبحانه أرسله إليهم برسالة التوحيد.
وأصبحت الخطابة أحد شعائر الإسلام عندما فرضت صلاة الجمعة التي باتت الخطبة فيها أحد أركانها، فلا تنعقد الجمعة صحيحة إلا بها، فهي تؤدى في الأسبوع مرَّةً واحدة في يوم معين ـ هو يوم الجمعة ـ وفي وقت محدد، حيث يقوم إمام المسلمين قبل صلاة الجمعة، فيخطب بالناس خطبتها، يعظهم فيها ويذكرهم، ثم يصلي عقبها ركعتين إماماً بمن خطب فيهم.