باسم الفتاح العليم
من أخبار الوالد الشّيخ محمّد صالح الفرفور رحمه الله تعالى في تركيا
لا أعلم فيما أعلم أنّ هناك طلّاباً تعلقوا بأستاذهم محبّةً واتّباعاً؛ كما تعلّق إخواننا طلبة الفتح الإسلاميّ من الأتراك بالوالد رحمه الله تعالى، فهو بالنّسبة لهم كان بديلاً عن آبائهم وأولياء أمورهم بحقّ، لذلك كان للفتح الإسلاميّ نصيبٌ كبيرٌ من الصّيتِ الحسن، والشّهرة العظيمة في تركيا خاصّةً، وبلاد المسلمين عامةً.
وفي الستينات من القرن الماضي ألّف مولانا الوالد رحمه الله تعالى كتابه الشّهير (النّسائيّات)، وكان هذا الكتاب مقرّراً على الطّلّاب في الفتح الإسلامي، مع العناية الفائقة به.
ومن شدّة الصّلة بين مولانا الوالد وطلّابه الأتراك أنّهم حرصوا على أن يوجّهوا دعوةً للوالد إلى تركيا كي يفعلوا له شبه مهرجان، يتعرّف من خلاله علماء تركيا وطلابّها على فضيلته، فكان يؤخّر ويؤجِّل وما إلى ذلك.
– ومرّة من المرّات طلبوا منه الزّيارة، فأجابهم مستثنياً بالمشيئة، ولما ذكَّروه بوعده في عيد من الأعياد؛ أجابهم إلى ذلك، وعُيّنَ الزَّمان والتّوقيت ومكان الانطلاق والاستقبال وما إلى ذلك، وكانت الزّيارة سنة 1970، ولمّا وصل رحمه الله تعالى إلى قونيا – وقد كانت مكان الحفل والمهرجان – طلب أوّلاً زيارة سيّدي جلال الدّين الرّومي، لأنّه كان من سلوكه أن يزور قبور الصّالحين في أيّ بلدٍ يسافر إليها أدباً معهم، هذا أوّلاً، وثانياً يذهب إلى سوق الكتب، ويشتري ما يلزمه من الكتب الّتي يحتاجها، إن لم تكن في سوريا.
وبينما هو يتجوّل في سوق الكتب مع طلّابه الأتراك إذ به يتفاجأ أنّ كتابه (النّسائيّات) موجود ومعروض في سوق الكتب، ولكن باللّغة التّركيّة، وقد أُزِيلَ اسمُهُ من الكتاب، ووُضِعَ اسم رجل تركيّ آخر، على أنّه هو المؤلّف والطّبعة تركيّة.
فغضب طلّابُ مولانا الوالد من شناعة هذا الفعل، وطلبوا منه أن يكتب لهم وكالةً رسميّةً، كي يقدّموا هذا السّارق للكتاب إلى المحكمة، فنهاهم عن ذلك، فقالوا له:
يا سيّدي أنتم علّمتمونا أنّ سارق العلم أشدُّ من سارق المال، فأجابهم بقوله:
قد أعاننا على نشر العلم، وأخبرهم بما معنى الكلام أنّه لا يخاصمُ مسلماً تركيّاً بين يدي الله تعالى يوم القيامة، ثم رفع يديه يدعو له، وهم يؤمّنون على ذلك.
بقلم ابنه الدّكتور: شهاب الدّين محمّد صالح الفرفور.